30 - 06 - 2024

تباريح | ننتخب من؟

تباريح | ننتخب من؟

(أرشيف المشهد)

18-5-2012 | 19:13

إياك وأن يحاصرك أحد بين خيارين أسوأ من بعضهما، فالخيارات التى تجد نفسك محاصراً بها دائماً مصطنعة.. خذ نفساً عميقا، وأطلق لخيالك العنان وانظر إلى الجميع من أعلى، وكن نسراً يحدد غايته قبل أن يهبط على الأرض.

ستجد أكاذيب كثيرة يحاصرك بها الإعلام المضلل، وأوهاماً يحسن صنعها، وأصناماً يخلقها من فراغ، لا تستسلم لكل الطنين الذى يحاصرك أينما ذهبت.. لا تغرك لافتات الشوارع وكثرتها ولا الملصقات التى تهبط عليك حيثما كنت لتسرق صوتك، فكلما تسلطت الآلة الدعائية على رأسك تأكد أنها طبل أجوف، فحينما يصعد إلى السلطة من صعد، لن يتذكر طموحك ولا آلامك التى أسمعته إياها، فقد كان شارد الذهن، وإن تصورت أنه أنصت إليك فلا تغتر، فقلبه ربما كان فى صمم.

تخير من يشبهك، من صعد السلم درجة فدرجة.. من قاسى وعانى وسجن وطورد واضطهد لأنه كان يعزف نغمة أخرى غير النغمة التى كانت سائدة. اعلم أن من غير أقواله ليس أميناً على حلمك ولا على مستقبل أولادك، فليكن خيارك من لم يتغير.

بعض مرشحى الرئاسة - أيها العزيز- يتصورونك مطية، فلتجعلهم أنت عبرة، لا يؤثر فيك من يحادثك وأوداجه منتفخة، بل كن فى عون من قاسمك طعامك وجلستك على الأرض، لاشك أنك تعرف المنافقين والمطبلين لكل عصر فانظر أين يتجهون وخذ اتجاها عكسياً، فهم أصحاب غرض وعقولهم تشكلها مصالحهم الفردية لا مصلحة الوطن.

انتخب خفيض الصوت، لين الجانب، من إذا اقتربت منه، لم يحجزك حراسه، ولم يمنعك حجابه، ولم يتأفف من أنك لم تمس عطراً باريسياً كالذى ينبعث من ثيابه. لاشك أنك تريد رئيساً معجوناً بطين هذه الأرض، مغموساً فى همومها، قاسى مثلك فى الحصول على رغيف خبز واسطوانة غاز، ووقف مثلك فى الطوابير حتى يعبئ خزان سيارته بالوقود، إذا راسلته ردَّ عليك، وإن طلبت رقم هاتفه أجابك، وإن سألت عن عنوان مسكنه أخرج قصاصة ورق من جيبه وكتبه لك بامتنان. انتخب من ابتسم فى وجهك دونما تكلف، وضحك من قلبه إذا ما أردت ممازحته.

لا تتصور أن الرئيس يجب أن يكون شيخاً معمراً، فأعباء المنصب ثقيلة وتحتاج إلى من هم فى سن الشباب، لا تتصور أن أحداً يدير الدولة بمفرده، فحول الحاكم جيوش من المستشارين فى كل شأن وصفوف من مؤسسات القرار. لا تقل إن فلاناً له صلات، فما صنع أحد صلاته، إلا بمصر سواء تبوأ فيها منصباً أو ألقيت عليه أعباء مسؤولية. والرئيس سيستمد هيبته وحضوره من كونه حاكماً لمصر وليس لشخصه.

لا تسمح لأحد أن يتعالى عليك، من يفعل ذلك اخسف به الأرض، فمن ينافقك الآن سيحتقرك غداً. قل لكل من يحاول إظهار نفخته الكاذبة: اذهب من حيث أتيت، فلا نريد فرعوناً جديداً.

 

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان